رسالة للذي يقرأ

الجمعة, أغسطس 22, 2014

صَديقي القارئ،
يحقُ لي ان اناديكَ بصديقي، أولم تختار بمحضِ ارادة كلماتي محطة الكترونية في جولتك؟
لأنك ستهدر وقتًا ثمينًا وانتَ تقرأ هذياني هذا تستحقُ ان اناديكَ بصديقي.

* تنهيدة*

قرأتُ مرةً بأن الحياة تعرفُ لمن تسدد ضرباتها القاضية. هي تعرفُ من صاحب الظهرِ الذي لا يُقصم ومن الذي جسده بالكادِ يتماسك.
ظننتُ بأنني حظيتُ بما يكفي من الدهاءِ لاتحايل عليها بعد كُلِ صفعةٍ عساني التقطُ بضعًا من الراحة قبل الجولة الثانية من الضربات. فاتخذتُ من التغيير المتطرفِ اسلوبًا للاختفاء عن ناظريها قبل ان تتآمر كل الاقنعةِ ضدي.

بالعادة، انفعالي الصاخب للاشياء التي أحب يفضحُني كثيرًا ويجعل من اهتماماتي مزادًا مفتوحًا للمارة.

اعيادُ الميلادِ تُصيبني بالكآبة وتذكرني دائمًا بالفجوة الكبيرة التي تنهشُ دواخلي وببعدي العظيم عن الـ "انا المثالي" والذي ارغبُ بان اكونه.
اذكرُ فترة ميلادي التاسع عشر كانت مُحبِطة بشكل عارم، كنت لا ازالُ ادرسُ في حيفا في المعهد الذي أُحب لكنني كنت قد بدأت اكتشف مدى ابتعادي عن ذاتي ومدى اختياري الخاطئ لموضوعي الدراسي وكان اكتشافي هذا متزامن مع فترة الامتحانات النصف فصليّة ( اتركُ لك مساحة لتتخيل بماذا كنت اشعر حينها).
الامرُ الجميل الوحيد الذي رافق تلك الفترة كان شغفي الكبير بالحيوانات وبالزرافة بشكلٍ خاص ولأنني ابعدُ ما يكون عن اخفاءِ ما احُب كُل من كان حولي حينها عرف بحُبي للزرافات ورغبتي الطفولية باقتناء واحدة. وفعلًا، حصلتُ على ثلاثة زرافات في يومٍ واحد. ( لم يكن احدهم يملك الجرأة الكافية ليحضر لي حقيقية، لكن اسعدني شرف المحاولة ).

ولماذا اخبرك بكل ذلك؟ لا اعلم صدقًا.

Anyways .. في المرات التي يكون وجهي عاريًا للحياة لاستقبالِ صفعاتها افقدُ هذا الشغف للامورِ التي احب وافقدُ الانفعال للتفاصيل الصغيرة مهما كانت دافئة وصاخبة. وفي محاولةٍ مني لاخاطة قناعٍ يُخفيني عن الحياة ويخفي اثارها عن وجنتي الجأ – مثلما اخبرتك سابقًا – للتغيير.
اول قُرصِ دواء اتناوله هو اعادة ترتيب غرفتي ومن ثم تغيير رنة هاتفي من اغنيتي المفضلة لأخرى سعيدة لا اسمعها عادة، ولا اخفي عليكَ بأن تغيير اغانيّ المفضلة ضروري في مرحلة العلاج لأنني ولسبب اجهله لائحتي تحفل بالاغاني الحزينة والتي نتفق بانها لا تُلائم خُطتي العلاجية الان – doctor's orders.
ان كانَ الانتفاخُ في وجهي اوجعَ من ان يكتفي بقرصِ دواءٍ واحد انتقلُ لنوعٍ اكثرُ فعالية – تغيير الشكل!
كُنت اظن بالسابق ان هذا هو خيرُ دواءٍ وكاد يوشك ان يتسلق سلم النجاعة ويحتل مرتبة فوقَ الكتابة.
لكنني اليوم حينَ طالعتُ وجهي في المرآة ضحكتُ لشدة خطأي وتهوري في مكيدة الحاجة للتغيير.
نظرتُ اليومَ الى وجهٍ لا يُشبهني والى تفاصيل اجتهدتُ ان تكونَ ابعدُ ما يمكن عن انتفاخ ملامحي انذاك لكنها لا تنفكُ تُذكرني بالسبب الذي جعلها ترتدي وجهي الان.
ضحكتُ بشدة لأنني احنُ لتسريحة شعري السابقة والتي تركتها تتساقط علّها تُسقط الالم معها. لكنه كان اكثرُ ذكاءًا من ان يختبئ بين ضفائر واتخذ من خلايا عقلي مسكن، فعنها لن استطيع التنازل، اليسَ كذلك؟
أُطالع وجهًا غريبًا في المرآة رُغم ان الغرفة خالية من البشرِ حتى مني انا، واضحكُ على ملامحَ حاولت التحايل على الحياة لكنها كانت ابهتُ من ان تتحايل على احدٍ غيري.
كُل ما انا عليه اليوم يا صديقي هو محاولة للهرب لا يدفعُ ثمن فشلها شيء سواي.
انظرُ الي اليوم ولا أعرفني،
فلا انا أُشبه ما كنتُ ولا اشبه ما أُريدُ فعلًا ان أكون.









You Might Also Like

1 تَركُوا بَصمة

  1. أكاد أجزم بأننا حينما نكتب "صديقي.." فإننا لا نقصد إلا أنفسنا.
    حينما نكتب لذواتنا بصدق فإننا نكتب للآخر، نكتب له ولنا.
    استخلصت من تجارب عديدة ومن خاطرتك هذه أن التغيير، منارة الإنسان إلى "الكمال".. الكمال البشري!
    نحن لم ولن نشبه أنفسنا، كتبت ذات مرة "آه لو أننا نشبه أنفسنا" فتراجعت عن ال "لو"، ماذا لو كنا نشبه أنفسنا؟ ألن تكون حياتنا مملة وسخيفة؟
    ما أجملنا حين نجد فروقا بيننا وبين أنفسنا، فنقوم ونسعى للتغيير، وما أجملك حينما تكتبين إليك وإلينا.

    ردحذف

هاكِ، طريقة جديدة للوصال

Popular Posts