#3: في ديسمبر تَنتهي كُل الأحلام..!!
الخميس, سبتمبر 29, 2011"في ليلة رأس السنة الماضية، في ضيافة جهاد ومادلين اللذين يستضيفانني في أغلب المناسبات.. قُمتُ لأتلو عليهم وعلى المجموعة الصغيرة من اصدقائنا المشتركين، قائمة بخططي التي سأقوم بها خلال العام الجديد... كان هذا طقس آخر ليلة من كل عام.. أذكر بأن مادلين سألتني ممازحة بعدما انتهيت من قراءة قائمتي الخاصة: ماذا عن الحب يا هذام..؟!.. ألا تحتاجُ الى ان تُحب؟؟..
أجبتها يوم ذاك بان الحب ليس من خططي، لأن الحب يأتي بلا تخطيط.."
هُو لم يُخطط لأن تقتحم ليلى حياته.. ولأن تبعثر معتقادته كُلها...
هذام، الشاب السعودي التقليدي ذو الـستة وعشرون ربيعاً لم يتخيل أبداً ان تجربته الأولى في الحُب ستؤول لكارثة... وأن حصن التقاليد الذي طوقه به المجتمع طوال حياته سينهار امام أول نسمة "حرية".....
لم يكن ليعلم بأن المرأة هي طريقه للتحرر من العبودية... وبأنها مع ذلك مستعبدته الوحيدة....
ما كان ليخطر على باله يوماً بأن سؤال شكسبير عن الرجل الذي قد يصل من الدناءة ما يكفيه ليكره وطنه.. سيكون هو اجابته!!....
لكن ديسمبر سقاه ذلك بكأسِ من الخيبة....
فبعد ان رفضت عائلته اقترانه بليلى لمسائل قبلية.. وخذله لها بجبنه عن الدفاع عن حُبهما... جعلَ يُلملم ما تبقي له من قوة ويرمي بها على اول طائرة متجهة الى لندن...
ليبدأ هُناك.. حيث اللامكان... حياة جديدة ناكرة لجذوره ولكل ما قد يربطه بماضيه....
//
" أعرف اليوم بان الكُتب لا تولد الا مع الخيبات، خيبات القدر وحدها هي التي تدفعنا لكي نكتب.."
في لندن.. أكمل مسيرته المهنية ككاتب مقالات وروائي...
وقد لاقت كتابته صدى صخب!!... استحساناً عظيماً من العالم العربي، وشتائم جماً من الوطن.... والتي لم يلق لها بالاً سوى لمعرفة ان كان والده لا يزال على قيد الحياة ام فارقها...
وهكذا عاش... غريباً وسط غُرباء...
دون هوية ولا مرجع...
خلع لباس التقاليد والاعراف وارتدى ملابس الانفتاح...
يتنفس قطرات عاطفة باردة من نساء عابراتٍ...
ويكتئب!!...
إلى ان اصطدم بها صدفة في ليلة لندنية باردة... عرف من ما تحمله من كتب انها عربية الاصل...
ملامحها الـ "مريحة" جذبته!...
لم يتعارفا...
تبادلا اطراف الحديث العابر وتركا اللقاء القادم للصدفة....
//
هذام، الانساني الجديد، تخلى عن معرفة الحقائق والتاريخ لأجل سيدة الصدفة...
التقيا مُجدداً...
في المقهى... والمكتبة العامة... والشارع... وفي الشقة!...
دون ان يتعرف احدهما على خلفية الاخر او على عرقه او حتى على اسمه!!...
دون ان يملك احدهما عنوان الآخر...
يتركان لقاءهما للصدفة... او للحاجة التي قد تجمع الاثنين في نفس الوقت...
يتحدثان عن الموسيقى... والادب... والحضارة... والعمل...
عن الاقتصاد والسياسة...
عن معتقداتهم.... وايمانهم...
عن كل شيء!! الا عن الهوية.....
الاثنان تجمعهما المعاناة من جحود الوطن... ومن جفاء الأهل... فتنصلا في الغربة منهم...
" في داخل كل انسان وطن خاص به، الانسان لا ينتمي الى رقعه انما ينتمي الى دواخله"
//
" اصعب ما في الحب هو ان ترتبط عاداتك بالطرف الآخر...لأن تلك العادات تعذبنا بعد ان ننفصل عن من نحب.. عادة التفاصيل هي ما تشدنا، هي التي تُبهرنا.. وأنا رجل يُحب التفاصيل الصغيرة..!!"
أحبها بشدة..
رُغم انه رجل مرت من تحته عشرات النساء... الا ان قلبه لم ينبض لغير ليلى من بعدها... إلا لها...
كان يجلس ساعاتِ طوال في انتظار صدفة قد تسوقها لشِقة اللقاء...
ويعتزل العالم أيام علّ حاجة عابرة تجلبها اليه...
يعيش مُنتظراً كلماتها... حركاتها... عاداتها.. وكل تفاصيلها...
لحين تأتي... فينسى مشقة الوقت الضائع حتى موعد مغادرتها مجدداً...
لم يعرفها أحد من زملاءه... ولا حتى جهاد ومادلين – عائلته في لندن-....
لم يُخبر عنها احد... سوى تجاعيد ذاكرته....
فيقلب في غيابها خِباب الشك مُتألماً أهي حقيقة!! ام خيال نسجه عقله المسكين...
//
لم يعد يطيقُ صبراً... ولم يعد يحتمل...
عرفها على اسمه وعلى ديانته وعلى موطنه...
فحكت له مكرهه قصتها...
وزال من بينهما الضباب...
لـــكن...
هل لديسمبر هذه المرة ان يترك هذام وأحلامه وشأنهم؟؟؟...>> في ديسمبر تنتهي كُل الأحلام... ومِن بين أنامل أثير عبدالله تبدأ كُل الحكايات!...
صفحات الرواية، هي مسيرة طويلة من الألم!!
من الوجع اللامُتناهي!!..
من السخط والغضب والخيبات المتكررة...
صفحاتُ الرواية.. رحلة ذاتية شاقة تحول دُون التوقف لإستراحة نِسكافيه ولإستجماع شُتات القوى التي تَبعثرت في الطريق...
مُنذ أول حرف اصطادته عيناي وهي تَرفض العُدولَ عن القراءة...
برغم نوبات الألم المصحوبة بالغضب... والتعب النفسي من الواقِع المُنِهك ومِن البَطل المُنهَك!
وبالرغم من السلبية المحبِطة المسيطرة على الرواية...
وبالرغم من التنصل من العادات والاستسلام السريع واتخاذ الهروب حل لكل المشاكل...
إلا انني كُنت ألتهم الكلمات بجوع كافر!... وأعيد قراءة الفقرات مرتين وثلاثة... وتدوين الكثير من الجُمل والافكار في سِجل اقتباساتي..!
أكثر ما أعجبني بالرواية انها موسوعة ثقافية!...
جَمعت بين جلدتيها الكثير من أعمال وأقوال موسيقية وادبية وسياسية ودينية...
استطاعت أثير بِكُل مهارة ارتداء ثوب الرجال والتحدثَ بلسانهم...
وصفها الدقيق لدواخل الرجال، لأفكارهم لردود أفعالهم ولنواياهم أنساني للحظات ان الكاتبة هي امرأة!
إمرأة تُعريكَ من ارادتِك... وتأسرك بزنزانة ذكورية سوداء...
ووحدها مَن يُريك ذاك النور الخافت في اخر السرداب!...
إمرأة تَقبل كُل التحديات!...بَعضٌ مما استوقفني خِلال القراءة:
أذكر أنها قد قالت لي يوما: ان القوانين وضعت ليلتزم بها البعض، ويخرقها آخرون..
سألتها حينها: من أي الصنفين أنتِ ؟
- أنا لا أخضع للقانون حتى ألتزم به أو أخرقه، فلنفترض بانني خارجة عنه..!
بعض الذكريات عندما تقفز في ذاكرتنا وبعض الماضيين الذين يظهرون فجأة في حياتنا بين الحين والآخر، يجعلوننا نبتسم لا سعادة ولا تهكماً، بل للأن شيئا ماضياً جميلاً، وأحياناً مراً، زارنا في وقت لم نتوقع فيه اية زيارات من الأمس البعيد.
مادلين وجهاد يتشابهان كثيراً...حتى ملامحهما تزداد تشابهاً كُلما تقدم بهما العمر، وكأنهما يعودان الى رحم واحد كلما كبرا، وانا اعرف، أعرف جيداً ان هذا التشابه ليس إلا فعل حب.
عِندما تُبكينا الأغاني، فهذا يعني بأننا إما في أقصى حالات الوجع أو أننا في أشد أوقات الحاجة!... وكِلا الشعورين أمرُ مِن العَلقم..
سألتها : لماذا ساعتك في يمينك ؟!
قال مبتسمة : ولماذا ساعتك متقدمة عن الوقت الأصلي بربع ساعة ؟!
ضحكتُ بقوة لأن غيرها لم ينتبه يوماً إلى أنني أقدم توقيت ساعتي خمس عشرة دقيقة دائماً !
أجبتها : لا أدري! .. أظنُ بأنها عادة ! ربما أستبقُ الوقت أو أتوق إلى المستقبل .. ماذا عنك ؟
أجابت : أنا أيضاً لا أدري ! .. أظنُ بأنني أخالف البشر فقط ..
... يومها خلعتُ ساعتي ولبستها في يميني مثلها .. وقدمت هي ساعتها خمس عشرة دقيقة مثلي .. لنسبق سكان لندن وليصبح توقيتنا خاصاً بنا وحدنا
قال مبتسمة : ولماذا ساعتك متقدمة عن الوقت الأصلي بربع ساعة ؟!
ضحكتُ بقوة لأن غيرها لم ينتبه يوماً إلى أنني أقدم توقيت ساعتي خمس عشرة دقيقة دائماً !
أجبتها : لا أدري! .. أظنُ بأنها عادة ! ربما أستبقُ الوقت أو أتوق إلى المستقبل .. ماذا عنك ؟
أجابت : أنا أيضاً لا أدري ! .. أظنُ بأنني أخالف البشر فقط ..
... يومها خلعتُ ساعتي ولبستها في يميني مثلها .. وقدمت هي ساعتها خمس عشرة دقيقة مثلي .. لنسبق سكان لندن وليصبح توقيتنا خاصاً بنا وحدنا
4 تَركُوا بَصمة
حقا ..هناك بعض الأشياء لا يمكن أن تكون ضمن خططنا ..بل لا يمكن ان نضعها في مصاف توقعاتنا ..أو يقيننا ..فهي بلا زمن ..بلا مكان ..هي من تملكنا لا نحن !!
ردحذفكلمات رائعة و بوح أروع دام نبض قلمك
تحيتي و تواضع مروري ..
http://emy-lunar.blogspot.com/
ردحذفمساء العطر سيدتي
ردحذفوكلمات رائعة
ومدونة رائعة
أسعدني المساء هنا
دمتم بكل ود
على الرغم من توفر "في ديسمبر تنتهي كل الأحلام" لدي، الا ان كلماتك هذه هي ما دفعتني لقراءة القصة :)
ردحذفأبدعتِ :) :)
ولكن عذرًا ...
لم تعجبني شخصية هذام !!!!
اي شخص هذا الذي يكفر ويتنكر لوطنه بكل ما فيه ... ان لم يعجبك فغير ولا تهرب وتندب !!!
انا لست بناقدة ادبية ... غير انني لمست القليل من الأحداث والعديد من الخواطر !!!
سيد ديسمبر
لم ارتح لك يومًا ... ومن بعد قراءتي لهذه القصة ... تفاقم هذا الشعور :(
لميس
هاكِ، طريقة جديدة للوصال