رسالة للذي يقرأ (15)

الأحد, مايو 05, 2019


عزيزي الذي يقرأ،

يُقال إنّ غدًا بداية شهر رمضان، يُقال أيضًا أنّنا نحتاجُ ثلاثين يومًا لنكتسب عادةً جديدة أو نتخلص من أخرى ضاقت علينا. يُقال إنّ هذا الشهر ضيفًا كريمًا يأتي مُحمّلًا بالخيرات وما علينا إلا البحث عنها \ الاطلاع عليها كي نُشرّع له أبواب صدورنا. أحاول أن أحارب ضيقي بهذه المقولات، لكن يبدو أنّ الضيق استحوذ على المكان وهذا الشهر هو الجرثومة المُبتغى قتلها. أيمكنني التصريح بأنّي لا أحب رمضان دون أن تُشّن في وجهي أسهم الاعتياد المصبوغة بدهان الدين اللزج؟

منذ مُدّة وأنا عاجزة عن فهم مشاعري، خاصّة تلك التي تجتاحني في أكثر اللحظات غرابةً وتقف جنديًا فظًّا على باب المدامع. هذه حلبة جديدة لم أستطع بعد فك شيفرتها. هل أخبرتك بالسابق أنّ أكثر لحظاتي ضعفًا هي حين تتفلت من بين يدي حبال المشاعر؟  أخبرتُ صديقًا لي أنّ مشكلتي مع المشروبات الكحوليّة في كونها تُفقدنا القدرة على السيطرة الكاملة، فأجاب أنّ اللحظة التي تسقط بها كل الجدران الاجتماعية التي نُحيط بها أنفسنا – لحظة الثمالة- هي أكثر لحظة إنسانيّة طاهرة حقيقيّة. يخيفني أن أكون فوق الجدار لا خلفه، أيعقل أنّي أخافُ من حقيقتي؟

هنالك عُطب في مجسّاتي الشعوريّة تجاه الناس. كنت أحب قدرتي على اقتلاع الناس من داخلي، على ايصاد الباب أمام العلاقات المُتعِبة وأعرف متى أشق نافذة العودة أمام أحدهم. لكنّ في الفترة الفائتة باءت قراراتي كلها بالخيبة. أنا أشعر بالخيبة، ممتلئة بها حتى أعلى خليّة في داخلي. ليس لمنح الأشخاص فرصًا، بل لكونها كلّها خاطئة. لكنّي مع ذلك عاجزة عن التخلّص من رماديّة هذه العلاقات، لا هم بالبُعد الكافي ولا بالقرب المريح... منطقة رماديّة مليئة بالنتوءات.

أأخبرتك أنّي في صدد انهاء لقبي الجامعيّ في الأشهر القريبة؟ أنا خائفة، أتحاشى التفكير في المستقبل وتُربكني الأسئلة حوله. لا قدرة لي على بناء مخططات جديدة بعد انهيار سابقاتها. لكن لنترك الحديث عن هذا الموضوع – أو لنهرب منها – في رسالة قادمة.

كيفك إنت؟


You Might Also Like

0 تَركُوا بَصمة

هاكِ، طريقة جديدة للوصال

Popular Posts