#2: وَقع الأحذيةِ الخَشِنة
الجمعة, يوليو 08, 2011
لم أتردد ابداً في اختيار "وقع الأحذية الخشنة" ليكون عالمي الجديد الذي سأخترقه / يخترقني. فقد كان اقترانه بـ "واسيني الأعرج" كفيلٌ لحملي تَصَفُحهِ. الا أنني لك أكُ أعلم بأن لدى واسيني المقدرة لإستفزاز كُل خلية في جسدي بِذات السِلاح الذي إحتَل فيه اعجابي لَه مُسبقاً.
يبدأُ الراوي – شاب من المغرب العربي- بسرد حكايته ورفيقته ليلى...
هُما شابان حلما بإختراق المستقبل من أوسع أبوابه، وِلقلة ما تستطيع بلدتهم تقديمه قررا الإلتحاق برُكب المسافرين للدراسة في الخارج... وحدهما في مدينة موحشة إكتست جُدرانها بِكل ما هو مُشتهى ومُحرم، وكَكُلِ حِكايات الف ليله وليله، وقع بَطلانا في الحُب....
استطاعت الغُربة أن تخلِق منهما أناساً جُدد... إلا أن المُجتمع الـ"عربي – التقليدي" لم يترك ليلى وشأنها... كانت بعض الأعراف والعادات المغربية لا تزالُ تُشكل لليلى هواجِس لم تَستطع الغُربة القضاء عَليها. عَلى عكس ما افتعلته في الراوي... فقد تَشربها وكأنه وُلد في هذه المدينة وعاش أعرافها منذُ القِدم.
" الليل قصير في هذه المدينة التي تتحول الى قطعة أليفة في الأمساء. ومع ذلك كله فما يزال لدينا متسع من الوقت لكسر الجدران العتيقة التي أنبتتها الأزمنة الفائتة في دماغك المرهق."
هيَ حقاً أحبته، فقد كان المنارة التي تُضيء قارات نفسيتها المحطمة، والعدسة المكبرة التي تُريها جمال صغائر الأمور ومرشدها الروحي في كُل خطوة تتخذها.
لكن مُجتمعها.. عائلتها.. وسنها يرفضون لها الإستمرار في عَلاقة دون رباط شرعي. وَهو ، بالرغم من كُل ما يكنه لليلى إلا انه يرفض الإنصياع لتقاليد ولإعراف ليست في مصلحته...
" إفتحي عينيكِ عن وسعهما ولو لمرة واحدة في حياتك. وسترين أن الدنيا جميلة وتستحق أن تُعاش يا ليلى.
جربي فلن تخسري شيئاً
غير قيود الثلاثين سنة
وعقدة الكبر
ونصائح أختك التي شاخت مثل حيطان المدينة،
والضباب
والليل الذي يطمس جمال عينيكِ.
جربي فقط وسترين."
ولأن الاهداف متضاربة.. والدروب متشابكة... افترقا...
ذهبت.. وربيعها الثلاثين.. لأحضان برجوازي إختارته لها أختها لتغدو في بلدتهم "سيدة مُجتمع"...
" اقنعتني في ذات اليوم ان بلدتكم قاسية لا ترحم. وانك تريدين أن تكوني انسانة جيدة وواعية الا ان قضية الزواج وسنك ترهبك... الناس الذين يقفون على رأسك كالعقارين. المجتمع الذي لم يعلمك إلا التفاهات. الزواج بالنسبة اليك أصبح مركز اي تحول جذري. العمر يسير والواقفون في الطرقات عيونهم لا ترحم. فانت كذلك كنت أيام الجامعة – عاشقة ماهرة- لكن قد آن الاوان للبحث عن زوج تنجبين منه طفلة تربطين شعرها بالشرائط الحمر وتلبسينها الألبسة الوردية الجميلة."
لكنها ،في معمعة حياتها الجديدة اللامتناهية، فقدت كيانها... وعادت خائبة لِمن تَركت لديه قَلبها لتَشحن جسدها ببعض الحياة.. وترجع لمسارح عالمها مليئة بالنشاط...
" أنتِ والمدينة شيءٌ واحد.. كلاهما يبحثُ وسط مهرجانات الكذب عن وجه بحري لا يرفض الشبق الطفولية.
>> لَم أقوى على ترك الكتاب يفلت من بين أناملي، لا لانه اسرني بحبكته بَل لانه أثار عصبيتي واستنفاري ليومين متتاليين... كما أنني أُحِبُ هذا النوع من الكُتب التي لا تهز فيّ شيء... الا ايماناً اعظم بمبادئي...
الفكرة المطروحة في الكتاب – تحديد الفتيات بعُمر محدد للزواج ، ورفض هذا المبدأ – هي فكرة صحيحة أؤيدها تماماً... ولكن البدائل المطروحة والأسلوب العنيف في جعل الدين الإسلامي منهج مُتشدد وظالم هو ما أرفضه...
قد تكون هناك بعض التحفظات من تقاليد مُجتمعنا... الا أن ذلك لا ينفي شرعيتها... ولا يستنكر تأثيرها الأيجابي على حياة الفرد كجزء من الكل...
ولم يكن الدين الاسلامي أبداً دين منع وقمع.. وكأنه حُرِمَ للمتدين الإستمتاع بأنعام الحياة الدُنيا... فإما التشدد وإما الإنفلات !! ولا مجال لحلٍ وسط...
"وقع الأحذية الخشنة"... كتابٌ صغير بعدد صفحاته... لا يتعدى 110 صفحات... الا أنه يكنز في طياته أبعاد لا تُحمدُ عُقباها...
** بَعض مما استوقفني خِلال القراءة:
"بقدر ما نكون منسجمين مع أنفسنا، نكون صريحين مع عالمنا حتى ولو كانت هذه العوالم جد ضيقة مثل عين إبرة."
"نؤمن بما تحدثه تفاصيل الحياة الصغيرة من معجزات."
"قولي أننا بدأنا نسقط في التنظيرات الجوفاء. لكن لا تشيحي بوجهك فالأشياء الدقيقة التي تحيط بك ليست تافهة أبدًا بالقدر الذي تتصورين."
"أنتِ طيبة، طيبة حد الألم.. والطيبون يقعون دائماً ضحايا سذاجتهم."
12 تَركُوا بَصمة
بحيك!!!
ردحذفع.م.ك
وأنا أحني كُل التحيات اكراماً لكِ صَديقتي..:]
ردحذفشُكراً لوجودك الدائم :)
يبدو مشوّقا، أحبّ هذه النوعيّة من الروايات المليئة بتحدّي الواقع الصعب والعادات والتقاليد، لكن ليس الدين ..
ردحذفمن أروع ما قرأت كان لمحمّد حسن علوان، والذي يستطيع أن يلمس يدكِ أثناء وصفه لملامسة يدِ إحداهن لدرجة أن يقشعرّ بدنك جراء مجرّد اللمسة تلك !!!
لا تبخلي علينا بالمزيد والمزيد :)
صحيح، فاننا قد نجد انعكاساً لبعض افكارنا ما دامت الكتب تتحدث عن الصراعات الاجتماعية.. ولكن الامور المتعلقة بالدين هي خط أحمر عريض لا يجوز اختراقه...
ردحذف"وقع الاحذية الخشنة" يتحدث عن صراع الشابان ضد اعراف بلدهم العربي وتقاليده.. ولكن الجزء المستفز هو انه بنظر الكاتب ( المتمثل براوي القصة) هذه التقاليد مستمدة من الدين.. فاما التعقيد واما الحرية التامة...
محمد حسن علوان استطاع ان يشد انتباهي بقوة لوقع كلماته... لم أقرأ له اي كتاب بعد، لانني لم اجدها الا بالنسخة الالكترونية وانا امقتُ قراءة الكتب من خلف الشاشة... الا ان جعبتي مليئة باقتباساته...
بالمناسبة.. عن اي كتاب تتحدث ؟؟
شُكراً لك على المتابعة :]
أسلوبك في مراجعة الرواية أعجبني
ردحذفكل الشكر والتقدير لكلماتك وجهودك القيمة
بل الشُكر لَكِ على المرور مِن هُنا :]..
ردحذفمدونة دافئة ذات خطوات راقية ، متنوعة
ردحذفالذائقة ، مميزة الأسلوب.
عن البوست ، واسيني الأعرج يتميز
برسم الواقع على الورق وكأنّه
يراك وتراه فلا عجب أن تلاقي روايته
استحسانكِ.
تخظين بـ الجمال يا علا .
دمتِ لمن تحبي
السلام عليكم ورحمه الله و بركاته
ردحذفالحمد لله لوجودي هُنا !
لا اخفيك , كدت اطير من الفرح عندما اقتنيت وقع الاحذية لكن بصراحه لا ادري عن فحواها.. و جف حماسي بعدما تعديت الـ 20 صفحة و السبب الاخطاء المطبعية , شكلت لي نوعاً من الضيقة و تركتها.. لكن الآن و بعدما قرأت تدوينتك هذه .. افكر بإعادة التفكير
من الصميم , شكرًا لكِ
(=
رومية..
ردحذفصدقتِ..:] فـ عريقة كتابة واسيني واقعية حتى الألم!!!
أهلاً بِك في المدونة :)..
كرز..
الاخطاء المطبعية وجودة النشر شكلت لي في البداية عائق ... لكن شغفي الفضولي لمعرفة المزيد حال دون توقفي عن قراءته...:]
شُكراً لحضورك...
<< كما لو أنني في نادٍ للكتاب .. هل هناك متسع لتعقيب طويــل ؟ :)
ردحذفلم أشأ وضع تعليقًا فارغًا حتى اقرأ الكتاب ..
لهذه الرواية قصة طويلة خلاصتها اني ترددت عن شرائها 3 مرات ثم اجد تدوينتك الجميلة لتتملكني مشاعر الغضب والندم..
اكتشفتُ بالأمس ان لدى اختي هذه الرواية وهأنا انتهي منها هذه الساعة مسرعة إلى صندوق التعليق.. لنبدأ :)
انصفتِ الرواية أيّما انصاف ..كل ما قرأتُه هو تمامًا ما أراد الكاتب ايصاله و ما شعرتُ به كقارئة ..
.. " قبل أن نغادر الغرفة استحم في عينيك, في شفتيك, في كل زاوية في جسدك. وأحاول بهدوء الأنبياء اكتشاف بعض التفاصيل عنك " طوال روايته كان يعبّر بألم كيف هو عشقه :)
رواية كانت واقعًا و تجلّى فيهاالخيال كنكهة ..
يملؤه غضب العادات التي منعته من اتخاذ حبه كما يشتهي .. فالمجتمع وسن الزواج من جهة ( تأييــد كلّي ) وبعض عادات الاسلام السمحة من جهة أخرى ..
وكليهما اصبتِ الحديث عنهما .. لا أستطيع الجزم أن قناعاته هذه ما زالت حية نسبة إلى زمن كتابته للرواية .. لكنى اخشى من قوله : " إنها قناعاتي يا صديقي . والقناعات لا تناقش "
كنتُ اترقّب النهاية .. وبدهاء يجعلنا نفكّر كما يفكر ويُراقص حروفه ونحن نتمايل معها ..إلا أنه يفلت في النهاية ويدعنا وحدنا في حيرة هل أبقى لنا سيناريو لإكماله ؟
منذ أن بدأ روايته وهو يسألني ويسأل نفسه هل أبدأ الحكاية ؟ أم يدعها لخرير الوديان ؟
لأصل إلى ص109 : تبًا , إنه لم يبدأ حكايته بعد :) ..
رائعة انتِ لاختيارك رواية كهذه ..
استمتعتُ بالمساحة التي اهديتنا اياها .. اشعر بشعور جميل حينما ابدي رأيي عن كتاب :)
قد لا أميل كثيرًا لمثل هذه الروايات لكنكِ جعلتها محيطًا يجبركِ على استكشافه .. الآن حينما انظر إليه أرى تقريرك فيه , لقد تقلّد اسمك :)
ماذا تخبيئن لنا أيضًا يا علا ؟
مَطـــــر
ردحذفهُناك دائماً متسع لك ولكلماتك..:)
يقولون أن تصل متأخراً خير من ان لا تصل أبداً..:)
أظن، وبحكم أننا جزء من هذا المجتمع العربي، بعد العادات المذكورة في القصة وردود الفعل تجاهها لا تزال قائمة حتى يومنا هذا..
الخوف من قناعاته وتمسكه بها كبير.. لأن امثاله - اصحاب عدم النقاش في القناعات- سيسعون دائما خلفها حتى ولو كانت خاطئة ومؤدية الى التهلكة!
حكايته ككل حكاياتنا.. لم تبدأ بعد..
فكُل يوم هو نهاية لأمر وبداية لآخر.. وأليست اجمل الأيام يوم لم نعشه بعد؟؟:)
رائعة أنتِ لجعلي دائماً أبتسم..
ورائعة لأنك تُثيرين فيّ حب القراءة ومطالعة الكتب!!
رائعةٌ أنتِ لأنك تجعلينني انتظر تعقيبك على تقارير كُتبي بشغف :)
دُمتِ بخير يا غالية :]..
أود أن أستعين برأيك.. اطلعت على ملخص للرواية و مراجعات لها.. و من ثم اخترتها موضوعا لبحث دراسي أقوم به، قبل ان أحصل عليها ورقية و اقرأها..دراستي تعتمد المنهج البنيوي الذي يقسم الرواية إلي بنية الزمان، المكان، الشخصيات،الحوار او طريقة السرد... والآن اصبحت ارى الرواية لا تصلح لمثل هذه الدراسة .. ولا أدري ان كان علي تغيير موضوع دراستي وهذا أمر صعب، أم الاستمرار في الدراسة على كل حال..أرجو الافادة.
ردحذفهاكِ، طريقة جديدة للوصال