رسالة للذي يقرأ (4)

الثلاثاء, يونيو 09, 2015

صَديقي الذي يقرأ،

ألا زلتَ تَذكُرني؟

مرّ الكثيرُ من الوقتِ مُنذ رسالتي الأخيرة لك.. أنت تعلم جيدًا بأن رسائلي اليكَ لا تنضجُ الا حينَ تمتلئ حدّ اليأس. تأخرتُ في الارسالِ لك ليسَ لأنني لم أملك ما احادثك به طوال الفترةِ الفائتة، بل لأنني كنت شديدة الهروبِ من حديثِ ذاتٍ لا أقوى على الشعورِ بأي شيء من بعده.
لكن بقيتُ احشو روحي بالقُطنِ لكي تصمت حتى اختنقتْ وبصقتْ به خارجًا، وتركتني أتأرجحُ على حافةِ البُكاءِ وحدي.

أنا يا صديقي مُتعبةٌ من نَفسي، ولا أدري أي منجى مِني سواي...

اؤمن كثيرًا بأن فاقِدَ الشيء أحيانًا هو أكثر ما يُعطيه، لذلك أراني أتقمصُ أدوارًا تنقصني بشدةٍ لئلا يَشعرُ أحدٌ من حولي بوجعِ فُقدانها الذي يشتدُ عليّ كل ليلة. كم من الوقتِ ستقوى أضلعي على التغاضي عن هشاشتها قبل أن تتهشم وتهبِطَ بي الى قاعٍ لا نزولَ بعده؟

اكتشفتُ مؤخرًا، أو لأكون أكثر شفافية، سمحتُ لنفسي أن تتصارح مع لا وعيها المُكفهر، بأنني لا أَمنحُ لمشاعري حقَ التواجد والإلتئام، وإن حدثَ وتسرّقت احداها القليلَ من نورِ السطح سخطي على نفسي يكون عظيمًا جدًا...
أعلمُ بأن هذه احدى الطُرق التي لقّمتني اياها صفعات الحياة المتكررة لأقي روحي من الخدش، لكن منظومتي العاطفية شديدةُ الإنغلاقِ أحيانًا، واخشى عليها من إنفجارٍ لا تُحمد نتائجه إن بقيت على هذه الحال.
اؤمن بأننا يجبُ أن نُعطي لكل شعورٍ يتملكنا حقه ويجب أن نعيشه بكل حذافيره لكي يمر بسلامٍ، ولا يهم ألمًا كان أم أملًا.. يجبُ أن يأخذُ حيّزه من العالم لئلا يتحوّل لثقب اسود يبتلعنا كلما اشتدت حوله النيازك. لكن، لا أدري لمَ نفسي عصيّة على اتباعِ هذه القاعدة، وكأن هنالك قوى عُظمى تعلمَ بأن بعض الاشخاصِ لا تنطبق عليهم القوانين النفسية المعتادة وتحاول ان تحميهم رغم جهلهم عن السبب.
وربما، ينبعُ هذا الاختلافِ والتخلّف من تجاربٍ تجرعنا بعدها مرارةً فوق مرارة...

أتعرفُ تلك اللحظاتِ التي تُسيطر عليكَ فيها حالةٌ نفسية وتُخدّر كل خليةٍ في داخلك؟ تتكوّر كحشرجةٍ لعينةٍ في الحلق، لا هي في فمك فتتقيأ بألمها خارجًا، ولا اجتازت المريء لتهضمها... عالقةٌ فيكَ! وكل ما تحتاجه في تلكِ اللحظة أذنٌ خارجية وبعضَ الحواسِ لتُرطبها في داخلك فلا تختنق...
تحاول بكلِ ما اوتيت من مشاعر أن تُحدث الناسَ عما يجول بداخلك، وتجدهم ينظرون لك بعيونٍ استفهامية لا تُدرك بأنك تُستنفذُ بهدوءٍ كجرفٍ صامتٍ يخر صمودَ جبل...
وتُدرك حينها، بان الكلمات التي تؤلمنا من الداخل ستزدادُ سوءًا اذا ما بُحتَ بها ولم تجد ميناء...

أشعرُ بالإنهاكِ.. والإنتهاك..
وبالغربة تَلفني من كل جانب..

الفصل الدراسيّ الحالي على وَشكِ الانتهاء، ولا أظن بأنني أملكُ ما يكفي من القوةِ لأمر فترةَ الامتحانات النهائية التي تُشهر انيابها بأمان...
وشعوري هذا يحثني على الإستسلام...
وانا صدقًا لا اريدُ ذلك...
أحتاجُ لجرعةِ ايمانٍ بقُدراتي كي لا أفقدني...
ولا أدري من أين سآتي بها..

إن كُنتَ تعلم، فلا تبخل عليّ بإشارةٍ استنيرُ بها...








You Might Also Like

2 تَركُوا بَصمة

  1. البوست ده جبار برغم كل الألم اللي فيه.
    مش عارف هل كم الوجع اللي فيه هو اللي مخليه حلو بالشكل ده؟
    :)
    مبدعة كبيرة والله

    ردحذف
  2. استاذ شريف.. :))

    احيانًا النصوص بتعكس الوقت الي اخدلها تا نضجت، واحيانًا بتكون بجرعة كبيرة شوية عشان تفضي المخازن جواتنا ونقدر نمر عن الحالة بسكينة وسلام..

    وممكن الوجع يكون جميل، لو عرفنا نعطيه حقه في الشعور..

    ربنا يخليك وممتنة لمرورك بحجم السماء :)))

    ردحذف

هاكِ، طريقة جديدة للوصال

Popular Posts