"انتِ تخونين لغتك.. وأنا لن أُكمل نِقاشي مع خائنين"
بهذه البساطة؛ حكمت
على استعمالي لاحدى المصطلحات العبرية
بالخيانة، ورفضتْ قاطِنةُ الوطن العربي انهاء حديثٍ جمعها على مأدبة الآداب
مع ناكرة للقوميّة!
صدقتَ نِزارُ! فأنا
متعبةٌ جِدًا بِعروبتي! وألا لَيتهم يَفهمون..
لا أكتُبُ
اليومَ بنيّة الدفاع عن قَضيةٍ نعيشُ هَوامشها يوميًا...
بل أكتُبُ باسم حق
التعبير عن الرأي – الذي اختزّلتيه من دُستورِ المحادثة..
أكتُبُ لأُلقنكِ بعضَ
الـ "مانيرز"...
نَعم، خائفةٌ أنا على
لُغتي ..
خائفةٌ على لساني
الذي اعتادَ المضغةَ العبرية!
خائفةٌ على مُصطلحات
اعجميّة باتَ لها تصريفٌ ومكان من الاعراب..
تؤرقني الصعوبة في
التحدثِ بلغةٍ عربية عامية نقية لفترة متواصلة...
ويؤلمني عدم تواجُد
البديلِ للكلمات العبرية في كثيرٍ من الاحيان..
لكنني لم
أخُنها..!
لم أخن لُغتي
حينَ تعلمتُ غيرها في الصفِ الثاني
الابتدائي...
لم اخنها حين احتواني
والدي بتفسير بعض الكلماتِ اثناء مُتابعة نشرة الاخبار الاسرائيلية...
لم اخُن لغتي
حين قرأتُ رواياتٍ بغير ابجديتها.. وبذلتُ جهدًا لأُتقنَ استعمال قواعدٍ لا تُشابه
قواعدها...
لا ولم اخنها عندَ
حصولي على بطاقةِ تعريفٍ زرقاء خُطّ فيها اسمي بغير أحرفها...
تلكَ البطاقة التي
أُعايَرُ فيها دُوليًا... وتَشهدُ على حذفي من بندِ أي تعريف...
ولولاها لما استطعتُ
ركوبَ حافلةٍ او قطار!
لَم أخُن لغتي حينَ
قرأتُ مُكوناتِ مُنتجٍ في بقالةٍ وسط بلدي العربي بأحرفَ عبرية...
ولم أخُنها حين حدثتُ
البائع / النادل / العامل في المجمع التجاري بغيرها لأحصُلَ على حاجتي...
لم اخن لُغتي
حين جَلستُ في قاعة المُحاضراتِ وتعلمتُ على يَدِ مُحاضرٍ يهودي.. بل ودونت بعض
الملاحظاتِ...
ولم أخنها حينَ
اجتمعتُ مع بعض زملائي اليهود في الجامعة وتعاوننا في حل احدى الوظائف...
وقطعًا لم اخُن لغتي
حين قضضت رقادَ الليل بدراسة من كُتبٍ واوراق مُلئت باللغة العبرية...
ولم اخنها حين سجلتُ
في سيرتي الذاتية اتقاني للعبرية، علّها تزيدُ من احتمالاتي الضئيلة لأقبل
لأي عمل... ولأنخرطَ في مسالِك تَحلُمُ بتطبيعي وترفضني بينها...
لم أخن لغتي
العربية في خوضي لحرب اللغاتِ يوميًا... وفي تحدثي بغيرها ورؤيتي لمَلامح
كَدرة مُستفزة بسببها...
فبينَ الحفاظِ عليها والانصهار في القافلة...
أقفُ انا على حُدودِ القومية واختنق!
لكن، على
احدنا دَفعَ ثمنِ الرباطِ في وطنه..
فأنتم..
تتعلمون الانجليزية والفرنسية لتُثقفوا أنفسكم...
أما انا فـ
كُتبت عليّ العبرية لكي أعيش!
والعيش
في أيامنا هذه.. ليسَ خيانة..!