#4: لأ يا بابا - عيب!
الأربعاء, مايو 23, 2012
“ثمة مسؤولية اجتماعية يفرضها علينا ديننا و إحساسنا
بالمواطنة, تتطلب تغييراً جذريا في تصرفاتنا و سلوكياتنا. و أن نقوم بتسجيل موقف
تجاه أي مبادرة سلبية.
فلا نسمح بمرور أية مخالفة إنسانية أمام أبصارنا دون أن نسجل احتجاجنا و ضيقنا و شجبنا و استنكارنا. تهاوننا و سلبيتنا تجاه ما يجري حولنا ساهم في تفاقم السلوكيات و الممارسات الخاطئة التي تحاصرنا.”
فلا نسمح بمرور أية مخالفة إنسانية أمام أبصارنا دون أن نسجل احتجاجنا و ضيقنا و شجبنا و استنكارنا. تهاوننا و سلبيتنا تجاه ما يجري حولنا ساهم في تفاقم السلوكيات و الممارسات الخاطئة التي تحاصرنا.”
سئمتُ قصص الحُب
المبتذلة التي يتغنى بها أدباءنا...
كُنتُ بحاجة لما
يُعيد ثقتي بالكُتب العربية وبالمفكرين الذين لا يحلمون بواقع افضل؛ بل يسعون
لصنعه!
وقع بين يداي كتاب
" كخة يا بابا" للكاتب عبدالله المغلوث.
ظننتُ لما يحمله
الكتاب من عنوان بأنني اكتنزتُ ادبًا ساخرًا... وبانه تنتظرني رحلة طريفة لنقد
سلوكيات المجتمع كما رصدها الكاتب. لكن عبدالله المغلوث استطاع ان يُخبأ مسيرة
الألم برداءٍ سميكٍ مبتسم!
ينقلنا الكتاب من
عالم الأساطير المُزركش والنهايات السعيدة الى ارض الواقع الموذِ...
يمرِرُنا بـ 24 موقف
مختلف...
24 حكاية نحياها
يوميًا.. ونشتم كُل الدوائر والحظوظ بسببها يوميًا... ونمقتها يوميًا...
لكننا لم نسعى يومًا
لتغييرها!
بل نهرع لأحضان
البُلدان الاجنبية غير آبهين بوطنٍ دنسناهُ جيلًا بعد جيل.
أكثر القصص التي
استفزتني هي حكاية احدى الفتيات الطموحات من السعودية، والتي يُراودها منذ الصغر
حُلم الرداء الابيض والسماعة!
عملت بِجد خلال
سنواتها المدرسية وقُبِلت لكلية الطب في افضل جامعات الرياض. لكن أخاها البكر كان
لها بالمرصاد. فكيفَ له ان يقبل ان تكون له اخُت طبيبة تخرجُ للعمل وتُزامل
الرجال؟!
ظنت العائلة بأن
موقفه مؤقت وبانه حالما يرى سعادة اخته سيرأف بها ويسعد لخُطاها على درب الحلم...
لكن رفضه طال! ومقاطعته للعائلة اجمع ارغمت اخته بالتخلي عن مُستقبلها لإعادة شمل
العائلة؛ وتسجلت تجر اذيال الخيبة لكلية الآداب والتي بالكاد تخرجت منها...
لكن المُثير للضحك،
بأن اخاها بعد سنوات جاءها يطلب منها مسامحته... فلقد تغيّر! والكُل عرضة للخطأ!
ولديه الان ابنه على مشارف انهاء المرحلة الثانوية ترغب بأن تكون طبيبة!
اكثَرُ القصص التي
رسمت على شفتاي ابتسامة صفراء مؤلمة... هي ما حدثُ معه في احدى مقاهي الغرب... حيث
كان يتناول قطعة حلوى وفنجان قهوة مع زميل له من الجامعة. والذي دون سابق انذار
دفعه لينظر باتجاه احدى الفتيات الي تجلس في رُكن المقهى تشرب السجائر... لم يجد
الكاتب أي داعٍ لهذا الانفعال، لكن صديقه اخبره بانها سُعودية وترتاد هذه القهوة
يوميًا للتدخين! ظنّ صديقُنا بان زميله قلق لصحتها.. ابتسم واشار عليه بردها عما
تفعله؛ لكن الصعقة كانت بأن الزميل يترصدها يوميًا ليعرف اسمها وعنوانها حتى يُخبر
أباها بأن " يضب بنته"....
ثُم يذكر بعض المواقف
الاخرى بين الفتيات والشبان السعودين في الجامعات الغربية... كيف انهن يُفضلن
زمالة الغريب على ابن الوطن لأن الثاني لا يفعل شيء سوى انتقادها ومراقبة تصرفاتها
وتفسيرها على هواه...
- عبدالله المغلوث اخطأ حينما حدثّ
تلك القصة بأسم السعوديين، فشبابُنا يتحلون ايضًا بكل ما ذكر!
اذكرُ مرة في بداية تعليمي الجامعي
التقيتُ باحدى الفتيات من بلدتي تَدرسُ في نفس المعهد لكنها تتقدمني بالسنوات..
سألتني ان كُنت قد وجدتُ مكانًا في الحرم الجامعي يُلائمني للدراسة... أشرتُ لها
على احدى البنايات فامتقع وجهها! وقالت " مجنونة؟! كُلهم هناك شباب البلد!!
اذا تنفستِ بقولوا ( تنفست والعياذُ بالله)!! ديري بالك! "...
ألهذه الدرجة ساء حالنا؟! أن احذر من
ابن بلدي كي لا يُفسر تصرفاتي على انها تنصل للعادات؟؟
شر البليّة ما يُضحك!
What about the magic
words ??
على الرغم من أنني
امقتُ المقارنة؛ ولكن لا ضير بمقارتنا مع من انتهجَ عاداتنا وما يُنادي به ديننا
بينما نحنُ هجرناه...
يُحدثنا الكاتب كيف
ان السكان المحليين في الدول الغربية يُميزون العرب من اول مُحادثة او مُصادفة
بينهم دون الحاجة للنظر لجوازات سفرهم...
ببساطة! لان العرب
يفتقدون لآداب الحديثِ والمعاملة – ما يُطلق عليه "مانيرز" –
بتروا اللغة العربية
من " شُكرًا؛ من فضلك؛ العفو؛ نهارك سعيد؛ اذا سمحت...."
نسّوا بأن عضلة الوجه
ان بقيت مشدودة قد تضرُّ بالصحة! ولا بأس بالابتسام لعامل الفندق، للسائق،
للبواب!...
لم يعتادوا فَتح
البابِ في المجمعات او عدم الاسراف فقط لأنه مجانًا!
لم يتعلموا في
المدارس اصول الحديثِ وثقافة طرح الاسئلة والنقاش...
ففي مُجتمعنا حين
يَهمُ الطفل ليسأل جُل ما يُواجه به هو " صــه! عيب..."...
يُحدثُ عبدالله المغلوث في كتابه
ايضًا عن العقول العبقرية والمواهب العالمية
التي تُدفن في سبيل الوسائط... وكيف ان "خادم الرئيس" له
الافضليه... بينما المُفكر والمُبدع نُحبط عزائمه...
يتطرق لحياتنا الاجتماعية وللرفاهية
المُبتذله التي نركض خلفها...
يتحدث عن كم الافواه العَطرة وارجاعُ
لام الأمل ليُصبح ألمًا...
عن العُنصرية! عن الاستهتار
والاستهزاء بالاخرين...
يتحدثُ عن كُل زاوية حياتية مُظلمة
التي نَشجبُ ونستنكر ظُلمتها بدلًا من ان نُشعل فيها شمعة!
لم يّذكر الكاتب أي معلومة مجهولة!
او حقيقة مُغيبة...
لكن النظر على حياتنا من زاوية جديدة
تُثيرُ فيكَ الكثير! الكثير!
لم يستغرق مني الكتابُ اكثر من 3
ايام... ولولا واجباتي التعليمية لأنهيته أبكر...!
أنصحُ به بشدة!
****
بَعضٌ مما استوقفني
خِلال القراءة..
“علينا أن نزرع في رأس كل يافع أن
المراة التي تقوم بتطبيبه, بتمريضه, بتدريسه, بالعمل معه " أكيد ماتحبه
" ,لكنها " تحترمه ”
“في
سول يسألك الكوري عن عمرك قبل اسمك في لقائكما الأول لكي يتحدث معك بلغة تليق
بسنك، و في القاهرة يسألك المصري عن مهنتك حتى يناديك بالباش مهندس او البيه. اما
في الرياض فيسألك ابن جلدتك عن أصلك و فصلك ليدعو القبيلة بأسرها لتجلس القرفصاء
معكما.”
“الشخص الذي يسطو على مكان ابن جلدته في
الطابور في وسط النهار , قطعا سيسطو على ماله وممتلكاته في الظلام”
“تفشى الإحباط في مجتمعاتنا لأننا
تخلينا عن الفرح. انصرفنا عن البهجة. ونسينا أن الأفراح الصغيرة وقود للأفراح
الكبيرة. وأن البحر يبدأ بقطرة. والشجر ينهض من بذرة.”
“يعتقد الكوميدي والمؤلف الانجليزي ليز
داوسون أن ولع ابنته بالروايات جاء بفصل الكتب التي يغرسها في منزله . يقول
:" هناك من يزرع ورودا في أرجاء بيته . أنا زرعت كتبا فقطفها أبنائي"
وبدورنا علينا أن نزرع البسمة في منازلنا . ولا ندعو الحمير والثيران والأبقار لارتيادها ؛ لأنها بساتين وليست حظائر .."
وبدورنا علينا أن نزرع البسمة في منازلنا . ولا ندعو الحمير والثيران والأبقار لارتيادها ؛ لأنها بساتين وليست حظائر .."
“جربوا
أن تفشوا مشاعركم وأحاسيسكم وانطباعاتكم وأحلامكم مباشرة. لا تدخروا شيئا إلى الغد.”
“الانتصار لا يعانق من ينتحب ،بل من
يتكبد وعثاء السفر في سبيله. ان حياتنا كالماراثون الطويل لا تخلو من الام ومنغصات
و عراقيل. ولكن لا يفوز سوى من يبذل المشقة ولايقنط ولا ينسحب حتى يصل الى خط
النهاية”
"إننا لا نصعدُ السلالم بل نفضّل
المصاعد الكهربائية حتى لو كان هدفنا الطابق الثاني . في العمارة المكوّنة من
أربعة أدوار التي أسكنها في بريطانيا تعطّل المصعد لمدة أسبوع دون أن يُصلحه أحد .
عندما هاتفتُ إدارة العمارة أخبروني أنني الوحيد الذي أبلغ عن العطل . جاء الفني
فوراً لإصلاحه . شعرتُ لوهلة أنني أكسلُ شخص في بريطانيا ، فالحياة لم تتعطّل في
العمارة لأن المصعد لا يعمل . تعطّلتْ في داخلي فقط . هناك سلالم . هي خيارهم
الأول بينما كان المصعد هو خيارنا الأول . نحنُ نبحثُ عن أي شيء يقلنا بسرعة إلى
أهدافنا دون أن نستشعر قيمة الصعود خطوة خطوة ."
"معظمنا يفتقد للياقة المطلوبة لحصد الانجازات، فنبدو كُهولًا منذ
نعومة أظافرنا.
تجاعيدنا لا تَبدو في وجوهنا وأطرافنا، لكن تبدو في أعماقنا وسلوكياتنا وتصرفاتنا، تبدو في ردود أفعالنا البطيئة، البطيئة جدًا!"
تجاعيدنا لا تَبدو في وجوهنا وأطرافنا، لكن تبدو في أعماقنا وسلوكياتنا وتصرفاتنا، تبدو في ردود أفعالنا البطيئة، البطيئة جدًا!"
0 تَركُوا بَصمة
هاكِ، طريقة جديدة للوصال