كنتُ اؤمن بأن
البدايات زائفة مُبتذلة لنكسب الاخرين ونوقعهم في شباكنا قبل ان تنتزع الايام
اقنعتنا المُنمقة، لكنكِ وعلى غير عادة البدايات، كنتِ معي صادقة عارية من كل زيف!
ولن أُخفي عليك،
فبرغم مناداتي للتجرد من التكاليف في بداية كل علاقة الا ان صدقك هذا يُكلفني
الكثير.
فأنك يا قُدسُ منذ ان
انتقلتُ للسكن فيكِ وأنت تَنزفين في داخلي؛
شوارعك الصماء التي
تستودعني بكم هائل من الغيظِ في محطة الباصات المركزية كل خميس، والتي تتحضرُ لاستقبالي
مجددًا مساء السبت بأنينٍ يكادُ ان يطغى على اصواتِ اشباحكِ السوداء لم تُساهم
ابدًا في تطبيب ذاك النزيف.
أتُعاقبينني لانني
نسيتُكِ في دُرجِ الاحلام الاخير؟
أنصفيني يا قُدس، فقد
سُقتُ اليكَ ضاربةً بمخططاتي عرض الحائط.
كنتِ دائمًا في
مخيلتي مدينة وُلدت من قلب الموت، لا يهدأ فيها الصراع، لكنني فوجئتُ بأن حربك
صامته تقتصر على نظراتٍ وربما بضع حروفٍ في اقصى الحالات.
والا ليتكِ تصرخين يا
قُدس، فان لصمتك دويُّ ينخرُ في اضلعي كلما مشطتُ ارصفتك في طريقي الى الجامعة - التي قد تكون المكان الوحيد والمهرب الاول من واقعكِ الذي يُحاصرني من كل جانب - او
حين اعودُ منها.
لا أعلمُ سر مُخاصمتك
لي وانا التي تُحاول جاهدة ارضاء اشلاءك!
أترفضينني
وأنتِ حُضن كُل من آمن بقدسية حجارتك وكل من فيكِ كَفر؟
ألأن تأشيرة دخولي
اليكِ لا تزالُ حزينة؟
الأنكِ سبب خلافِ
الكثير وانا كل ما اريده هو الخروج منكِ؟
ألأنني احدثُ اصدقائي
بالسوء عنكِ؟
أنصفيني يا زهرة
المدائن، فانك تملكين كل السلطة لخنقِ مشاعري كلما حدثتُ عنكِ، وكلانا يعلم
بأنكِ تُحبين استغلال هذا المنصب.
أوتعلمين؟
لم اقو على الحديثِ
معك دون ان استمعَ في الخلفية لبعض الاغاني التي تُطبطب على ضمائرنا لأجلك. فانتِ
كالحشرجة اللعينة التي ترفضُ الانصياع للجوارح.
ظننتُ بأن بعضَ الحُقن النفسية ستُريحك داخلي عساني استطيعُ ولو لمرة ان اواجهك فيها بصدق.
ظننتُ بأن بعضَ الحُقن النفسية ستُريحك داخلي عساني استطيعُ ولو لمرة ان اواجهك فيها بصدق.
لكن الاغاني تلك يا
قُدسُ أخطأت اختيار الاوتار، فأشعلتكِ في داخلي اكثر.
مؤلمة انتِ بقدرتكِ
على استيطان القلوب دون اذن،
مؤلمة أنتِ بشوارعك،
بجدرانك وبكل اسوارك!
مؤلمةٌ اربابك، وكل
الوجوه التي تحتويها حيطانك،
مؤلمة طفولتك
المسلوبة، ولغتك المنكوبة، وتاريخك المغتصب، وقدسيتك الملطخة.
مؤلمة احلامُك
ووعودهم المنكوثة،
مؤلمة اصفادك، وعيون
سجّانك الحائرة،
مؤلمة صلواتك
الكثيرة، وقليلها المُستجاب.
وانا الطفلة اسيرةُ
الخوف، لم يَعد بي طاقة لاستيعاب المزيد من الألم.